علاقات

شخصيتك من خلال شعورك و تصرفاتك

شخصيتك من خلال شعورك و تصرفاتك

شخصيتك من خلال شعورك و تصرفاتك

عادة يكون هناك توصيف أو انطباع عام عن صفة شخصية الفرد، مثلاً إذا كان حساساً أو انفعالياً أو غير مبالٍ.

إلا أن علماء النفس يحاولون استنباط سمات الشخصية وأنواعها بدقة أكثر من خلال تحليل الاختلافات الفردية في الطريقة التي يميل بها الشخص إلى التفكير والشعور والتصرف، وفق موقع Live Science.

قياس سمات الشخصية

ويوجد العديد من الاختبارات على الإنترنت التي تدعي قياس نوع شخصيتك، معظمها مدعوم بأدلة قليلة جداً. وإذا مررت عبر نظام يدعي أنه يقسم البشرية جمعاء إلى عدد قليل من الفئات، فمن الآمن أن نقول إنه ربما يكون مفرطاً في التبسيط. فبدلاً من محاولة تقسيم الناس إلى “أنواع”، يركز علماء النفس على سمات الشخصية. إذ تحدث كل سمة على طول طيف وتكون السمات مستقلة عن بعضها البعض، مما يؤدي إلى تكوين كوكبة لا حصر لها من الشخصية البشرية.

أما السمات مع أقوى الأبحاث التي تدعمها هي الخمسة الكبار:

• الانفتاح
• الضمير الحي
• الانبساط
• القبول
• العصبية

وبحسب دورية Scientific American، تم تطوير قياس “الخمسة الكبار” في السبعينيات بواسطة فريق من الباحثين الاختصاصيين في علم النفس تحت قيادة كل من بول كوستا وروبرت آر ماكراي من المعاهد الوطنية للصحة الأميركية ووارن نورمان ولويس غولدبيرغ من جامعة ميشيغان في آن أربور وجامعة أوريغون.

وتشير الأدلة إلى أن هذه السمات تترجم جيداً عبر الثقافات، حيث توصلت دراسة، أجريت عام 2005 بقيادة ماكراي ونُشرت في دورية الشخصية وعلم النفس الاجتماعي، إلى أن “الخمسة الكبار” كانت متشابهة في 50 دولة.

كما كشفت دراسة، نُشرت عام 2017 بدورية PLOS ONE، أنه من بين 22 دولة، ساهمت جنسية الشخص بنسبة 2% فقط في سمات شخصيته. وأظهرت دراسة أجريت عام 2021 على البالغين من أصل مكسيكي “ارتباطات قليلة بالعوامل الاجتماعية والديموغرافية (كمستوى التعليم ومعدل الذكاء) والعوامل الثقافية”.

ثقافات ذات رؤى مختلفة

لكن ربما تكون هناك بعض الثقافات التي لا تتصور السمات البشرية من منظور “الخمسة الكبار”. فعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أجريت عام 2013 في دورية الشخصية وعلم النفس الاجتماعي أنه من بين قبيلة “تسيماني” من الباحثين عن البستنة في بوليفيا، تم تصور الشخصية على طول سمتين فقط، هما الإيجابية والاجتهاد. ويشير هذا إلى أن السمات الشخصية “الخمسة الكبار” يمكن أن تكون نتيجة ثانوية للعيش في مجتمع كبير، بينما يختلف الناس في المجتمعات الصغيرة على طول مجموعات أخرى من السمات.

وربما تكون أحد الاحتمالات هو أن المجتمعات، التي تقدم المزيد من المجالات الاجتماعية للأشخاص، تسمح بظهور المزيد من أنواع السمات الشخصية، بحسب ما رجحه عالم النفس بجامعة كاليفورنيا ميرسيد بول سمالدينو وعالم الأنثروبولوجيا بجامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا مايكل جورفن، في دراستهما لعام 2019.

وإذا كان الشخص يعيش في مجتمع صناعي كبير، فمن المحتمل أن يمكن تحديد سمات شخصيته بمقياس “الخمسة الكبار” بشكل جيد جداً، إذ يمكن أن يكون لديه الكثير من الانفتاح والضمير إلى جانب مقدار متوسط من الانبساط والقبول وتقريباً لا عصبية على الإطلاق على سبيل المثال، أو يمكن أن يكون شخص شديد الضمير ومنطو بعض الشيء وبغيض وعصبي ومُنفتح بالكاد.

1. الانفتاح

الانفتاح هو اختصار لـ “الانفتاح على التجربة”، حيث يتمتع الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من الانفتاح بروح المغامرة. هم فضوليون ويقدرون الفن والخيال والأشياء الجديدة. ويكون عادة شعار الفرد المُنفتح هو أن “التنوع هو نكهة الحياة”.

في حين أن الأشخاص الذين لا يتمتعون بالانفتاح هم عكس ذلك تماماً، حيث يفضلون التمسك بعاداتهم وتجنب التجارب الجديدة وربما لا يكونون أكثر الأشخاص ميلاً إلى المغامرة.

ومن المرجح أن يرتبط الانفتاح بالذكاء اللفظي واكتساب المعرفة على مدى العمر، بحسب دراسة أجريت عام 2021 في جمعية علم النفس الأميركية، حيث كتب الباحثون أن الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من الانفتاح يتمتعون بالحداثة و”قدرة على الفكاهة المتوقعة بدرجة فوق الذكاء”، أو بمعنى آخر، يميلون إلى أن يكونوا أكثر تسلية من الأشخاص الأذكياء فقط.

2. الضمير الحي

يميز الأشخاص الذين يتمتعون بضمير حي أنهم منظمون ولديهم شعور قوي بالواجب. كما يمكن الاعتماد عليهم، وهم منضبطون ويركزون على الإنجاز. ولن تجد أشخاصا ممن يتمتعون بضمير حي ينطلقون في رحلات حول العالم بدون خط سير، فهم مُخططون ويهتمون بأداء الخطوات بدقة.

أما الأشخاص ذوو الضمير المتدني فيكونون أكثر عفوية و”تحرراً”. وفي أقصى الحالات، يميلون إلى الإهمال. فقد أفاد باحثون في عام 2019 في دراسة نُشرت في Proceedings of the National Academy of Sciences، أن الضمير هو سمة مفيدة، حيث تم ربطها بالإنجاز في المدرسة وفي العمل.

3. الانبساط

ربما يكون الانبساط التعريف الأكثر شيوعاً والأسهل لسمة “الانبساط”، وهو عكس أو لفظ مضاد للانطواء. إنها سمة شخصية رائعة من الخمسة الكبار. وكلما كان الشخص منفتحاً أكثر، أصبح أكثر من مجرد فراشة اجتماعية. كما أن الأشخاص المنفتحين ثرثارون ومؤنسون ويستمدون الطاقة من الحشود. ويميلون أيضاً إلى أن يكونوا حازمين ومبهجين في تفاعلاتهم الاجتماعية.

من ناحية أخرى، يحتاج الانطوائيون إلى الكثير من الوقت بمفردهم، وغالباً ما يتم الخلط بين الانطواء والخجل. لكنهما ليسا نفس الشيء. إذ يشير الخجل إلى الخوف من التفاعلات الاجتماعية أو عدم القدرة على العمل اجتماعياً. في حين يمكن أن يكون الانطوائيون ساحرين بدرجة كبيرة في الحفلات، إنما هم فقط يفضلون الأنشطة الفردية أو الجماعية الصغيرة.

4. القبول

يقيس القبول مدى دفء الشخص ولطفه. فكلما كان الشخص أكثر قبولاً، زادت احتمالية أن يكون واثقاً ومفيداً. ويتعامل الأشخاص البغيضون بمشاعر باردة وريبة من الآخرين، ومن غير المرجح أن يتعاونوا معهم.

وكشفت دراسة، استمرت 25 عاماً ونُشرت نتائجها في دورية علم النفس التنموي عام 2002 حول فوائد سمة القبول، أن الأطفال اللطفاء يتمتعون بمشاكل سلوكية أقل من الأطفال منخفضي التوافق أو القبول. وكان البالغون أصحاب سمة القبول أقل اكتئاباً وأكثر استقراراً وظيفياً من البالغين الذين كانوا متدنيين في نسبة سمة القبول.

لكن من المفارقات المثيرة للدهشة أن الشخص الذي يتمتع بالقبول على الرغم من كونه أكثر استقراراً وظيفياً إلا إنه يحقق دخلاً أقل من الشخص العادي. فقد ذكر مقال نُشر عام 2018 في دورية “هارفارد بيزنس ريفيو” بقلم ميريام جينسوفسكي، وهو أستاذ مساعد في قسم الاقتصاد بجامعة كوبنهاغن، أن “الرجال الأكثر قبولاً، الذين يميلون إلى أن يكونوا ودودين ومعاونين للآخرين، يحصلون على أرباح أقل بكثير من الدخل مقارنة بالآخرين الأقل قبولاً.

كذلك أرجحت دراسة، نُشرت عام 2018 في دورية Personnel Psychology، أن السبب ربما يرجع إلى الرجال الأقل نسبة في سمة القبول يقدمون عادة معدلات مساعدة أقل في المنزل، مما يسمح لهم بتكريس المزيد من الوقت والطاقة لعملهم، وبالتالي يكسبون أكثر من الرجال المقبولين.

5. العصبية

يشعر الأشخاص الذين يعانون من العصبية بالقلق بشكل متكرر ويسهل عليهم الانزلاق في القلق والاكتئاب. وإذا كان كل شيء يسير على ما يرام، يميل الأشخاص العصبيون إلى إيجاد أشياء تدعو للقلق بشأنها. فقد وجدت دراسة أجريت عام 2021 ارتباطاً سلبياً بين العصبية والأرباح. وعلى الرغم من أنه حتى عندما يحصل الأشخاص العصبيون ذوو الرواتب الجيدة على زيادات، فإن الدخل الإضافي يجعلهم في الواقع أقل سعادة.

ونظراً لأن الأشخاص الذين يعانون من العصبية يميلون إلى تجربة الكثير من المشاعر السلبية، تلعب العصبية دوراً في تطور الاضطرابات العاطفية، بحسب ما ورد في ورقة بحثية، نُشرت في دورية Clinical Psychological Science. في المقابل، يميل الأشخاص الذين لا يعانون من العصبية إلى الاستقرار العاطفي والتساوي.

تغيير السمات الشخصية بالعلاج

وللإجابة على سؤال: “هل يمكن أن تتغير الشخصية؟”، ذكر تقرير Live Science أنه كان يُعتقد في السابق أنه من الصعب جداً تغيير الشخصية، إلا أن الأدلة تتراكم على مر السنين وتفيد بأنه يمكن أن تتغير الشخصية في مرحلة البلوغ.

وأفادت دراسة نشرت في دورية Psychological Bulletin وصدرت في يناير 2017 أن الشخصية يمكن أن تتغير من خلال العلاج، حيث قال الباحث في الدراسة، برنت روبرتس، عالم النفس الاجتماعي والشخصي بجامعة إلينوي: “إذا كنت على استعداد للتركيز على جانب واحد من نفسك، وكنت على استعداد للذهاب إليه بشكل منهجي، فإن هناك الآن تفاؤل متزايد بأنه يمكنك التأثير على التغيير في هذا المجال”.

ونظراً لأن العصبية مرتبطة بتحديات الصحة النفسية، فقد أصبح الباحثون مؤخراً مهتمين بمحاولة الحد منها من خلال العلاج. وتأمل الدراسة – المنشورة في المكتبة الوطنية للطب الأميركية – أن يمنع استهداف العصبية تطور الاضطرابات مثل الاكتئاب.

وعلى الرغم مما يبدو من أن الشخصية تتغيرـ ببطء ولكن بشكل طبيعي – على مدار حياة الشخص، فإنه مع تقدم الأشخاص في العمر، يصبحون أكثر انبساطاً وأقل عصبية وأكثر قبولاً.

اختبارات لسمات شخصية أخرى

ومع أن “الخمسة الكبار” هم إلى حد بعيد أكثر سمات الشخصية المدعومة بالأبحاث العلمية والتي تم تحديدها، إلا أن هناك مخططات أخرى لقياس الشخصية، من بين أكثرها شيوعاً، وإن كان غير موثوقاً، يأتي مؤشر نوع مايرز بريغز، الذي يقسم الأشخاص إلى 16 “نوعاً” بناء على مستوى الانطوائية أو الانبساط وأسلوبهم في جمع المعلومات (استشعار أولئك الذين يلتزمون بالحقائق المجردة أو الحدس لأولئك الذين يفضلون العثور على أنماط) وتفضيلاتهم في اتخاذ القرار (التفكير لأولئك الذين يحبون الموضوعية والحقيقة أو الشعور بمن يفضلون الموازنة بين الاهتمامات الشخصية) وتحملهم للغموض في التعامل مع العالم الخارجي (الحكم على أولئك الذين يفضلون الحصول على تسوية الأشياء وإدراكها ووصولاً إلى أولئك المنفتحين على المعلومات الجديدة).

أما اختبار الشخصية الشائع الآخر هو مؤشر نوع “الإنياغرام” Enneagram، والذي يقسم الأشخاص إلى 9 أنواع شخصية مع أنواع إضافية من تصنيفات فرعية تغطي سمات أخرى ربما يُظهرها الأشخاص في بعض الأحيان. وبالرغم من أن اختبار الإنياغرام لا تدعمه الكثير من النظريات العلمية، غير أن هناك القليل من الأبحاث التي تُظهر أنه صالح أو موثوق.

التواضع والغرور

ومن الخوض في قوائم اختبارات تحليل السمات الشخصية خارج “الخمسة الكبار”، يمكن الوصول أيضاً إلى اختبار “هيكساكو” HEXACO للسمات الشخصية، الذي يهدف إلى أن يكون أكثر صلة دولياً من “الخمسة الكبار”. ففي دراسات أنواع وسمات الشخصية، اكتشف الباحثون أنه خارج الولايات المتحدة، كان هناك بشكل ملحوظ سمة سادسة، هي تحديداً الصدق والتواضع. ولفتوا إلى أن الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من الصدق والتواضع يكونون منصفين ومخلصين، في حين أن الأشخاص ذوي النسبة المتدنية يتسمون بالتباهي والجشع والغرور.

كذلك يوجد اختبار لتصنيف السمات والصفات الشخصية قائم على نظريات علمية هو اختبار “هوغان للشخصية” Hogan Personality Inventory، الذي يرتكز على السمات “الخمسة الكبار”. لكنه يركز على التفاعلات الشخصية على وجه التحديد، حيث يتم قياس شخصية الأفراد بناء على سمات مثل الطموح والتواصل الاجتماعي والحساسية والحصافة.

ريان شيخ محمد

نائب رئيسة التحرير ورئيسة قسم علاقات بكالوريوس في الهندسة المدنية - قسم الطبوغرافية - جامعة تشرين مدربة في تطوير الذات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
اشترك الآن مجاناً مع أنا سلوى سوف تصلك أخبارنا أولاً ، وسنرسل إليك إشعاراً عند كل جديد لا نعم
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com