بعد أن شهدت مصر خلال أسابيع قليلة جريمتي قتل بشعتين كان ضحيتهما فتاتان في عمر الزهور، وهما نيرة أشرف التي قتلت على يد زميلها في مدينة المنصورة، وسلمى بهجت التي قتلت على يد زميلها أيضا في الشرقية، ضجت مواقع التواصل بجروبات مناصرة لطرفي الجريمة وجروبات مؤيدة للقتلة وأخرى متعاطفة مع الضحايا وتطالب بالقصاص.
في جريمة نيرة، انطلقت الجروبات التي مازالت متفاعلة مع الحادث، والغريب أن عدد مشتركيها تجاوز عشرات الآلاف، وتضمنت تغريدات وفيديوهات مباشرة وغيرها تلخص الجريمة وتكشف الدوافع بل وتمارس سلطة القضاء من حيث التحقيق في التفاصيل والأدلة وأقوال الشهود واعترافات القاتل ورسائل الضحايا.
وتضمنت جروبات التعاطف مع القاتل متابعة لأقوال المحامين ونشر أخبار مذكرة النقض التي ينتظر تقديمها على يد المحامي الشهير فريد الديب وأقوال أسرة محمد عادل، ورسائل صوتية له.
على الجانب الآخر، دشن المتعاطفون مع الضحية نيرة جروبا مناصرة لقضيتها، مثل جروب القصاص لقاتل نيرة، ونيرة شهيدة الجنة، وكلنا نيرة أشرف –محمد عادل مجرم، ونشر المشاركون صورا لنيرة قبل الحادث وبعض الرسائل وذكرياتها وفيديوهاتها.
وعقب وقوع جريمة قتل سلمى بهجت على يد زميلها بالشرقية، انطلقت على مواقع التواصل منشورات تتضمن تحريضاً مباشراً على القتل والعنف، كما صدرت منشورات تحذر الفتيات من التورط في علاقات عاطفية مع زملائهن بالجامعة خشية أن يكون مصيرهن مثل نيرة وسلمى، كما خرجت دعوات تحرض على قتل أي فتاة ترفض الزواج من شاب تقدم لها حتى لا تكون لغيره، فيما طالب المغردون بالقبض على ناشري هذه المنشورات بتهمة التحريض على القتل.
الخبيرة الاجتماعية أمل رضوان تؤكد أن جرائم العنف والقتل زادت وبصورة وحشية وغير آدمية في ظل غياب الضمير والإنسانية وضعف الوازع الديني، وقام بها أشباه رجال، مثلما حدث في وقائع نيرة والمذيعة شيماء جمال.
وكشفت الخبيرة أن هؤلاء القتلى ومن يتعاطفون معهم يعانون من الشعور بتضخم الذات واضطرابات الشخصية الحدية التي تتسم بالمزاجية المفرطة وتقلب المشاعر وعدم القدرة على التحكم في العاطفة، مشيرة إلى أن تلك العاطفة المفرطة في الحب أو الكراهية قد تقودهم إلى الانتحار أو الانتقام ممن يرفضهم.
وذكرت أن هذه الجرائم البشعة انتفض لها المجتمع، ولكن مع الأسف فإن البعض حاول تبريرها والتعاطف مع الجناة، ولذلك على مواقع التواصل وجدنا انقساما بين رافضين للجريمة ومتعاطفين مع القاتل، وكانت الغالبية العظمى بالتأكيد مستنكرة للجريمة، موضحة أنه بدأت تعلو أصوات للدفاع عن القاتل والتعاطف معه، ومحاولة إيجاد مبررات واهية له، وإلقاء اللوم على الضحية بل ومحاولة دفع دية له لفديته، وهو أمر مستهجن ومستنكر.
وأكدت الخبيرة أن المتعاطفين مع القتلة فئتان: الأولى تعتنق الفكر الذكوري الذي يزعم أن الرجل لا يعيبه شيء، أما الثانية فهم ممن لديهم عقدة “ستوكهولم”، فالرهينة تتعاطف مع الخاطف، والضحية تتعاطف مع من أذاها، مضيفة أن حديث القتلة عن مدى حبهم للضحايا أو استغلال الضحية للجاني محاولة يائسة لتبرير الجريمة وجدت مع الأسف صدى عند البعض.
وقالت إن جروبات مواقع التواصل سلاح ذو حدين، فقد تكون رادعا أو تحرض على العنف، وهذا يعتمد في المقام الأول على درجة وعي وثقافة المجتمع، ولكنها في النهاية تجاوزت الحدود وغامرت بانتهاك الحياة الخاصة ولم يسلم منها حتى الأموات، مشيرة إلى أن نشر فيديو لجثمان الضحية نيرة في المشرحة أمر غير أخلاقي، والتشهير والخوض في أعراض الآخرين والإساءة لسمعتهم جريمة.
وطالبت بتغليظ العقوبة على من يسيء استخدام مواقع التواصل في التحريض على العنف أو التشهير أو الابتزاز