صحة
أخر الأخبار

حمى الضنك ..كيف ينتقل هذا الوباء ما اسبابه وكيف نقي انفسنا منه

حمى الضنك مرض فيروسي ينقله البعوض وقد انتشر بسرعة في كل أقاليم المنظمة في السنوات الأخيرة. وتنقل فيروس الضنك إناث البعوض ومعظهما من نوع الزاعجة المصرية، ومن نوع الزاعجة المرقطة بدرجة أقل. وينقل هذا النوع من البعوض فيروسات الشيكونغونيا والحمى الصفراء وزيكا. وتستشري حمى الضنك على نطاق واسع بالمناطق المدارية وتتباين معدلات خطورتها محلياً بحسب المؤشرات المناخية والعوامل الاجتماعية والبيئية.

وتتسبب حمى الضنك في الإصابة بطائفة واسعة من الأمراض، يمكن أن تتراوح بين أمراض مصحوبة بأعراض دون سريرية (قد يجهل الأفراد أنهم مصابون بعدواها حتى) وأخرى وخيمة الأعراض شبيهة بالأنفلونزا لدى المصابين بعدواها. ورغم أن حمى الضنك الوخيمة أقل شيوعاً، فإن بعض الناس قد يُصابون بعدواها ويمكن أن تقترن بعدد من المضاعفات المرتبطة بالتعرض لنزيف حاد و قصور أداء أجهزة الجسم و/ أو تسرب البلازما. ويزداد احتمال التعرض للوفاة من جراء الإصابة بهذه الحمى إن لم تُدبر علاجياً كما ينبغي. وجرى التعرف لأول مرة عليها في خمسينات القرن الماضي أثناء ظهور أوبئة حمى الضنك بتايلند والفلبين. وتؤثر حمى الضنك الوخيمة اليوم على معظم البلدان الواقعة بآسيا وأمريكا اللاتينية، وقد باتت من الأسباب الرئيسية لدخول الأطفال والبالغين إلى المستشفيات وتعرضهم للوفاة في هذين الإقليمين.

ويسبب حمى الضنك فيروس من فصيلة الفيروسات المصفّرة، ويوجد أربعة أنماط مصلية متميزة من الفيروس المسبب لحمى الضنك، وإن ربطتها صلات وثيقة ببعضها (DENV-1 وDENV-2 وDENV-3 وDENV-4). ويُعتقد أن تعافي المريض من عدوى الفيروس يكسبه مناعة تدوم طيلة عمره ضد النمط الذي أُصيب به، على أن المناعة المتصالبة المكتسبة بعد التعافي إزاء الأنماط الأخرى تظل جزئية ومؤقتة. وتزيد حالات الإصابة لاحقاً بعدوى أنماط أخرى من الفيروس (العدوى الثانوية) من احتمال الإصابة بحمى الضنك الوخيمة.

ولاء الضنك ينتشر بالبعوض
طرق انتشار الفيروس

ولحمى الضنك أنماط وبائية متميزة ترتبط بأنماط الفيروس المصلية الأربعة. وبمقدور تلك الأنماط أن تسري بالتزامن داخل إقليم ما، ويوجد في الواقع الكثير من البلدان الموبوءة بشدة بجميع أنماط الفيروس المصلية الأربعة. وتخلف حمى الضنك آثاراً مثيرة للذعر على صحة الإنسان والاقتصادات العالمية والوطنية على حد سواء. وكثيراً ما ينقل المسافرون المصابون بعدوى حمى الضنك فيروس الحمى من مكان إلى آخر؛ وعندما تكون النواقل المعرضة للإصابة بالمرض موجودة بتلك المناطق الجديدة، فإن من المحتمل أن يستحكم انتقالها محلياً.

العبء العالمي

ارتفعت خلال العقود الأخيرة معدلات الإصابة بحمى الضنك بشكل كبير في أرجاء العالم بأسره. وتكون معظم حالات الإصابة بها غير مصحوبة بأعراض أو خفيفة ومدبرة العلاج ذاتياً، ويقل بالتالي معدل الإبلاغ عن الأعداد الفعلية لحالات الإصابة بها. كما يُخطأ في تشخيص الكثير من الحالات بوصفها من الاعتلالات الحموية الأخرى [1].

ويشير أحد التقديرات المتعلقة بوضع النماذج إلى أن حالات الإصابة بعدوى فيروس حمى الضنك تبلغ 390 مليون حالة سنوياً (بفاصل ثقة قدره 95٪ لما يتراوح عدده بين 284 و528 مليون حالة)، منها 96 مليون حالة (67-136 مليون حالة) مصحوبة بأعراض سريرية واضحة (بصرف النظر عن مدى وخامة المرض). وتشير دراسة أخرى في تقديراتها عن معدلات انتشار حمى الضنك إلى أن خطر الإصابة بعدوى فيروسات الحمى يحدق بنحو 3.9 مليار نسمة. ورغم استشراء احتمال الإصابة بعدواها في 129 بلداً [3]، فإن آسيا ترزح تحت وطأة نسبة 70% من عبئها الفعلي [2].

وازداد عدد حالات الإصابة بحمى الضنك التي أُبلغت بها المنظمة بأكثر من 8 مرات طوال العقدين الماضيين من الزمن، من 430 505 حالة في عام 2000 إلى ما يزيد على 2.4 مليون حالة في عام 2010، وإلى 5.2 مليون حالة في عام 2019. كما ازدادت الوفيات المبلغ عنها بين عامي 2000 و2015 من 960 وفاة إلى 4032 وفاة، ولا سيما في أوساط الفئة الأصغر سنا. ويبدو أن العدد الإجمالي للحالات قد تراجع خلال عامي 2022 و2021، على غرار الوفيات المبلغ عنها. بيد أن هذه البيانات ليست مستكملة بعد، ولعل جائحة كوفيد-19 قد حالت أيضا دون الإبلاغ عن الحالات في العديد من البلدان.

وتُعزى جزئياً هذه الزيادة المثيرة للذعر في أعداد الحالات عموما في العقدين الماضيين إلى تغيير الممارسات الوطنية لتسجيل حالات الإصابة بحمى الضنك ورفع التقارير عنها إلى وزارات الصحة والمنظمة. ولكنها تمثل أيضاً اعترافاً من الحكومات بعبء مرض حمى الضنك وبأهمية الإبلاغ عن عبئه.

معدلات توزيع حمى الضنك وفاشياتها

قبل عام 1970 لم تشهد أوبئة حمى الضنك الوخيمة سوى 9 بلدان. أما الآن فإن هذا المرض متوطن في أكثر من 100 بلد من البلدان الواقعة في أقاليم أفريقيا والأمريكيتين وشرق المتوسط وجنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ التابعة للمنظمة. وتعتبر أقاليم الأمريكتين وجنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ الأكثر تأثرا بالمرض، بحيث ترزح آسيا تحت وطأة نسبة %70 من عبئه العالمي.

وفضلاً عن تزايد عدد حالات الإصابة بالمرض في ظل امتداد رقعة انتشاره إلى مناطق جديدة، تحدث أيضا فاشيات انفجارية. والآن في أن من المحتمل أن تندلع فاشية لحمى الضنك في أوروبا؛ وقد أُبلغ لأول مرة عن انتقال المرض محلياً في فرنسا وكرواتيا بعام 2010 وكُشف عن حالات مستوردة في 3 بلدان أوروبية أخرى. وأسفرت في عام 2012 فاشية لحمى الضنك ظهرت في جزر مادييرا البرتغالية عن أكثر من 2000 إصابة، وكُشف عن حالات مستوردة في البر البرتغالي و10 بلدان أخرى في أوروبا. ومن الملاحظ الآن وجود حالات أصيلة كل عام في بضعة بلدان أوروبية.

وشهد عام 2019 الإبلاغ عن أكبر عدد من حالات الإصابة بحمى الضنك على الإطلاق في العالم. وتأثرت جميع أقاليم المنظمة بالمرض وسُجِّل لأول مرة انتقال الإصابة بحمى الضنك في أفغانستان.

وأبلغ إقليم الأمريكتين لوحده عن 3.1 مليون حالة، منها أكثر من 25,000 حالة صُنفت وخيمة. ورغم هذا العدد المثير للذعر من الحالات، فإن الوفيات الناجمة عنها قلّت عمّا كانت عليه في العام السابق.

وأُبلغ عن زيادة عدد حالات الإصابة بالمرض في كل من بنغلاديش (000 101 حالة) والفلبين (000 420 حالة) وفييت نام (000 320 حالة) وماليزيا (000 131 حالة) في آسيا.

وقد أثرت حمى الضنك في عام 2020 على عدة بلدان، في ظل التقارير التي تفيد بتزايد أعداد الإصابة بها في كل من إكوادور وإندونيسيا والبرازيل وبنغلاديش وتايلند وتيمور – ليشتي وجزر كوك وسري لانكا وسنغافورة والسودان ومايوت (الفرنسية) وملديف وموريتانيا ونيبال والهند واليمن. ولا تزال حمى الضنك في عام 2021 تؤثر على باراغواي والبرازيل وبيرو وجزر كوك وجزيرة ريونيون والفلبين وفييت نام وفيجي وكولومبيا وكينيا والهند.

وتلقي جائحة كوفيد-19 ضغوطا كبيرة على نظم الرعاية والإدارة الصحية. وقد أكدت المنظمة أهمية استدامة الجهود الرامية إلى الوقاية من الأمراض المنقولة بالنواقل، مثل حمى الضنك والأمراض الأخرى المنقولة بالمفصليات، والكشف عن هذه الأمراض ومعالجتها خلال هذه الجائحة التي تشهد ارتفاعات في عدد حالات الإصابة في عدة بلدان، مما يجعل سكان المدن أشد عرضة للإصابة بتلك الأمراض. ويمكن أن يؤدي الاقتران بين تأثيري جائحتي كوفيد-19 وحمى الضنك إلى عواقب وخيمة على السكان المعرضين للإصابة بهما.

انتقال المرض

انتقاله عبر التعرض للسعات البعوض

ينتقل الفيروس إلى الإنسان بواسطة لسعات إناث البعوض الحاملة لعدواه، وهي أساساً من نوع الزاعجة المصرية. وثمة أنواع أخرى تنتمي إلى البعوض الزاعج بإمكانها أيضاً أن ت تتحول إلى نواقل للمرض، ولكن إسهامها في نقله يعد ثانوياً مقارنة بالزاعجة المصرية.

وبعد أن تتغذى البعوضة على دم شخص مصاب بعدوى فيروس حمى الضنك، يتكاثر الفيروس في معدتها الوسطى قبل أن ينتقل في أنسجتها الثانوية، بما فيها الغدد اللعابية. ويُسمى الوقت الذي تستغرقه البعوضة انطلاقاً من تناولها للفيروس وحتى نقلها له فعلياً إلى مضيف جديد بفترة الحضانة الخارجية. وتستغرق هذه الفترة ما بين 8 أيام و12 يوماً تقريباً في حال تراوحت درجة حرارة المحيط بين 25 و28 درجة مئوية [4-6]. ولا تتأثر الاختلافات في فترة الحضانة الخارجية بدرجة حرارة المحيط فحسب؛ بل يوجد عدد من العوامل من مثل حجم التقلبات الطارئة على درجات الحرارة يومياً [7، 8] والنمط الجيني للفيروس [9] وتركيزات الفيروس الأولية [10] التي يمكن أن تغير أيضاً الوقت الذي تستغرقه البعوضة في نقله. وبمجرد أن تصبح البعوضة معدية، فإنها تغدو قادرة على نقل الفيروس طوال الفترة المتبقية من حياتها.

انتقاله من الإنسان إلى البعوض

يمكن أن يصاب البعوض بعدوى مرض حمى الضنك من الأشخاص الذين يحملون فيروسه في دمهم. و يمكن أن يكون هذا الشخص مصاباً بعدوى حمى الضنك المصحوبة بأعراض، أو شخصا لم تظهر عليه أعراض الإصابة بها بعدُ ، بل حتى من الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض الإصابة أبدا [11].

ويمكن أن تُنقل العدوى من الإنسان إلى البعوض قبل يومين من ظهور أعراض الاعتلال على الشخص [5، 11]، وبعد يومين من زوال الحمى عنه [12].

يزداد احتمال إصابة البعوضة بعدوى المرض بارتفاع وجود الفيروسات في الدم في دم المريض وارتفاع درجة حرارة جسمه؛ وبخلاف ذلك، فإن ارتفاع مستويات الأجسام المضادة لفيروس حمى الضنك تحديداً في الدم يرتبط بانخفاض احتمال إصابة البعوضة بعدوى المرض (نغوين وآخرون 2013 PNAS). ويبقى الفيروس في دم معظم الناس لمدة تتراوح بين 4 و5 أيام، ولكن بقاءه قد يستمر إلى 12 يوماً [13].

انتقال العدوى من الأم إلى الجنين

تعتمد طريقة الانتقال الرئيسية لفيروس حمى الضنك بين البشر على نواقله من البعوض. ولكن ثمة بينات تشير إلى إمكانية انتقال الفيروس من الأم (الحامل إلى جنينها)، وإن كانت معدلات انتقال الفيروس من الأم إلى الجنين تبدو منخفضة، نظراً إلى ارتباط خطورة انتقاله بهذه الطريقة على ما يبدو بتوقيت عدوى الإصابة بحمى الضنك أثناء الحمل [14-17]. وفي حال كانت الأم مصابة فعلاً بعدوى فيروس حمى الضنك أثناء الحمل، فإن طفلها قد يولد قبل أوانه وقد يعاني من انخفاض وزنه عند الولادة ومن الضائقة الجنينية [18].

طرق الانتقال الأخرى

سجلت حالات نادرة لانتقال العدوى عن طريق منتجات الدم، والتبرع بالأعضاء ونقل الدم. وعلى غرار ذلك، سجلت أيضا حالات انتقال للفيروس بطريق المبيض عند البعوض.

إيكولوجيا نواقل المرض

تعدّ بعوضة الزاعجة المصرية الناقل الرئيسي لحمى الضنك. ويمكن أن تتكاثر في حاويات طبيعية مثل ثقوب الأشجار ونباتات البروملياد، بيد أنها تكيفت مع الموائل الحضرية وغدت تتكاثر أساساً في حاويات من صنع الإنسان، بما في ذلك السطول والأوعية الطينية والحاويات المهملة والإطار المستعملة وخزانات تجميع المياه وغيرها، وهو ما يجعل حمى الضنك مرضا خفيا في المراكز الحضرية المكتظة بالسكان. وتتغذى البعوضة أثناء النهار؛ وتكون فترات لسعها في ذروتها في مطلع الصباح وفي المساء قبل الغروب [19]. وتلسع أنثى بعوض الزاعجة المصرية عدة لسعات بين كل فترتين تضع فيها بيوضها، مما يؤدي إلى مجموعات من الأفراد المصابين [20]. وبمجرد وضعها لبيوضها، فإن بإمكان هذه البيوض أن تبقى حية لعدة أشهر في ظروف مناخ جاف وتفقس عند ملامستها للمياه.

أما الزاعجة المرقطة فهي ناقل ثانوي لحمى الضنك، وتنتشر في أكثر من 32 ولاية بالولايات المتحدة الأمريكية وأكثر من 25 بلداً واقعاً بالإقليم الأوروبي، وذلك أساساً بسبب التجارة الدولية بالإطارات المستعملة (موئل تكاثر البعوض) والسلع الأخرى (مثل نبات خيزران الحظ). وتفضل التكاثر في مواقع قريبة من غطاء نباتي كثيف، بما في ذلك المزارع، وهو يرتبط بزيادة احتمال الإصابة في أوساط عاملي الأرياف، مثل العاملين في مزارع المطاط وزيت النخيل، بيد أنه ثبت أيضا أنها تتكاثر في المناطق الحضرية. وتتسم الزاعجة المرقطة بقدرتها العالية على الـتأقلم، ويُعزى انتشارها على نطاق جغرافي واسع إلى قدرتها على تحمل درجات الحرارة المنخفضة، سواء كانت بيضة أم بعوضة بالغة [21، 22]. وعلى غرار الزاعجة المصرية، تسلع الزاعجة المرقطة أثناء النهار ويُنسب إليها عدد محدود من الفاشيات بوصفها الناقل الرئيسي لفيروس حمى الضنك فيها، وذلك في الحالات التي لا تكون فيها الزاعجة المصرية موجودة أو تكون موجودة بأعداد منخفضة [23، 24]

خصائص المرض (علاماته وأعراضه)

رغم أن معظم حالات الإصابة بحمى الضنك لا تكون مصحوبة بأعراض أو قد تكون مصحوبة بأعراض خفيفة، فإنها تظهر كمرض وخيم شبيه بالأنفلونزا يصيب الرضع وصغار الأطفال والبالغين، ولكنه قلّما يودي بحياة المصاب به. وعادة ما تدوم أعراض المرض فترة تتراوح بين يومين و7 أيام في أعقاب فترة حضانة تتراوح بين 4 و10 أيام وبعد تعرض الفرد للسع بعوضة مصابة بعدوى المرض [25]. وتصنف منظمة الصحة العالمية حمى الضنك إلى الفئتين الرئيسيتين التاليتين: حمى الضنك (المصحوبة بعلامات تحذيرية/ غير المصحوبة بهذه العلامات) وحمى الضنك الوخيمة. وإن التصنيف الفرعي لحمى الضنك بوصفها مصحوبة بعلامات تحذيرية أو أخرى غير مصحوبة بها معدّ لغرض مساعدة الممارسين الصحيين على فرز المرضى اللازم إدخالهم إلى المستشفى وضمان رعاية حالتهم والتقليل إلى أدنى حد من خطورة الإصابة بحمى الضنك الأشد وخامة [25].

حمى الضنك

ينبغي الاشتباه في إصابة الفرد بحمى الضنك عندما يُصاب بحمى عالية (40 درجة مئوية/ 104 درجات فهرنهايت) مصحوبة باثنين من الأعراض التالية خلال المرحلة الحموية (يومان-7 أيام):

  • الصداع الشديد
  • ألم وراء العينين
  • آلام العضلات والمفاصل
  • الغثيان
  • التقيؤ
  • تورم الغدد
  • الطفح الجلدي

حمى الضنك الوخيمة

عادة ما يدخل المريض ما يسمى بالمرحلة الحرجة في غضون 3 إلى 7 أيام بعد ظهور أعراض المرض عليه. وخلال 24 إلى 48 ساعة من المرحلة الحرجة، قد يظهر على جزء صغير من المرضى تدهور مفاجئ في الأعراض. وهي المرحلة التي تنخفض فيها درجة حرارة المريض (إلى ما دون 38 درجة مئوية/ 100 درجة فهرنهايت)، ويمكن أن تظهر عليه علامات تحذيرية مرتبطة بإصابته بحمى الضنك الوخيمة. ويمكن أن تتسبب حمى الضنك الوخيمة في مضاعفات مميتة ناجمة عن تسرب البلازما، أو تراكم السوائل، أو ضيق التنفس، أو النزيف الشديد، أو قصور أداء أعضاء الجسم.

وفيما يلي العلامات التحذيرية التي ينبغي أن يبحث الأطباء عنها:

  • الألم الشديد في البطن
  • التقيؤ المستمر
  • التنفس السريع
  • نزيف اللثة أو الأنف
  • الإجهاد
  • التململ
  • تضخم الكبد
  • وجود دم في القيء أو البراز.

وإذا أبدى المريض هذه الأعراض أثناء المرحلة الحرجة من المرض، فمن الضروري أن يخضع للمراقبة الدقيقة خلال 24 إلى 48 ساعة لكي يتسنى تزويده بالرعاية الطبية اللازمة تلافياً لإصابته بمضاعفات واحتمال الوفاة. وينبغي أيضا أن يستمر الرصد عن كثب خلال مرحلة النقاهة.

وسائل التشخيص

يمكن الاستعانة بعدة أساليب لتشخيص عدوى فيروس حمى الضنك. ويتوقف تطبيق أساليب التشخيص المختلفة على وقت ظهور أعراض المرض. ولابد من فحص ما يُجمع من عينات من المرضى خلال الأسبوع الأول من ظهور الاعتلال بواسطة الأساليب  المذكورة أدناه.

أساليب عزل الفيروس

يمكن عزل الفيروس عن الدم خلال الأيام القليلة الأولى من الإصابة بالعدوى. وتُتاح أساليب مختلفة لإجراء اختبار تفاعل البوليميراز التنسخي العكسي المتسلسل وتعد أساليب اختبار مرجعية. بيد أنها تتطلب توفير معدات متخصصة وتدريباً للموظفين لإجراء هذه الاختبارات.

كما يمكن الكشف عن الفيروس بواسطة اختبار البروتينات التي ينتجها، والتي تسمى البروتينات اللابنيوية 1. وثمة اختبارات تشخيص سريع منتجة لأغراض تجارية ومتاحة لهذا الغرض ولا يستغرق إجراؤها إلا 20 دقيقة لتحديد النتيجة ولا يتطلب توفير تقنيات أو معدات مختبرية متخصصة.

الأساليب المصلية

قد تؤكد الأساليب المصلية مثل مقايسات المناعة المرتبطة بالإنزيمات وجود عدوى حديثة أو سابقة بواسطة الكشف عن أضداد مكافحة حمى الضنك. ويمكن الكشف عن أضداد IgM بعد مرور أسبوع واحد على الإصابة بالعدوى، ويظل الكشف عنها ممكناً لمدة 3 أشهر تقريباً، ويدل وجودها على الإصابة بعدوى حديثة من فيروس حمى الضنك. أمّا الأضداد IgG فتستغرق وقتاً أطول لكي تتكون بمستويات معينة وتبقى في الجسم لسنوات عديدة. ويدل وجود الأضداد IgG على الإصابة بعدوى سابقة من فيروس حمى الضنك.

العلاج

لا يوجد علاج محدد لحمى الضنك. وينبغي للمرضى أن يخلدوا إلى الراحة وأن يواظبوا على شرب قدر كاف من الماء وأن يلتمسوا المشورة الطبية. ورهنا بالأعراض السريرية وسائر الظروف، يمكن أن يُرسَل المرضى إلى بيوتهم أو يحالوا إلى المستشفى لتدبير حالتهم علاجيا أو قد يتطلبون علاجا طارئا أو إحالة عاجلة [25].

ويمكن تقديم رعاية داعمة مثل خافضات الحرارة ومسكنات الألم لمكافحة أعراض أوجاع العضلات والآلام والحمى.

  • الأسيتامينوفين أو الباراسيتامول هما أفضل الخيارات المتاحة لعلاج تلك الأعراض.
  • لابد من تجنب تناول مضادات الالتهابات غير الستيرويدية، مثل الإيبوبروفين والأسبرين. فهذه الأدوية المضادة للالتهابات تحدث مفعولها عن طريق ترقيق صفائح الدم وقد تتسبب في تفاقم عملية التكهن بالمرض في سياق الإصابة بهذا الداء المقترن باحتمال تعرض المصاب به للنزيف.

وبالنسبة إلى حمى الضنك الوخيمة، فإن بالإمكان إنقاذ الأرواح من ويلاتها بفضل الرعاية الطبية المقدمة على يد الأطباء والممرضين من ذوي الخبرة بتبعات المرض ومراحل تطوره – بحيث تقلل هذه الرعاية معدلات الوفيات إلى أقل من 1% في معظم البلدان.

التطعيم ضد حمى الضنك

رُخص في كانون الأول/ ديسمبر 2015 باستعمال أول لقاح مضاد لحمى الضنك وهو لقاح Dengvaxia®  (CYD-TDV) الذي تولى تحضيره مختبر سانوفي باستور للقاحات، وحظي الآن بموافقة السلطات التنظيمية على استعماله في 20 بلداً. ونُشرت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 نتائج تحليل آخر للبت بأثر رجعي في الوضع المصلي للقاح في وقت التطعيم به. وأظهر التحليل أن المجموعة الفرعية من المشاركين في التجربة ممّن خُلص إلى أنهم سلبيون مصلياً في وقت تطعيمهم لأول مرة باللقاح كانوا أكثر عرضة لخطورة الإصابة بحمى الضنك الوخيمة ولإدخالهم إلى المستشفى من جراء إصابتهم بحمى الضنك مقارنة بالمشاركين فيها من غير المطعمين باللقاح. وعليه، فإن استعمال لقاح CYD-TDV موجه إلى من يعيشون بمناطق موطونة بالمرض ممّن تتراوح أعمارهم بين 9 أعوام و45 عاماً من الذين أصيبوا بنوبة واحدة على الأقل من عدوى فيروس حمى الضنك في السابق. ويُعكف على تقييم عدة لقاحات مرشحة للوقاية من حمى الضنك.

موقف المنظمة إزاء لقاح CYD-TDV [26]

بينت ورقة الموقف الصادرة عن المنظمة (في أيلول/ سبتمبر 2018) بشأن لقاح Dengvaxia [26] أن لقاح حمى الضنك CYD-TDV الموهن الحي أثبت نجاعته ومأمونيته في التجارب السريرية التي أجريت على أشخاص أُصيبوا سابقاً بعدوى فيروس حمى الضنك (الأفراد الإيجابيون مصلياً). وتُوصَى البلدان التي تنظر في موضوع التطعيم باللقاح في إطار تنفيذ برامجها المعنية بمكافحة حمى الضنك باتباع استراتيجية فرز الحالات قبل تطعيمها. ووفقاً لهذه الاستراتيجية، فإن من شأن التطعيم بهذ اللقاح أن يُقصر على الأشخاص الذين توجد بينات تثبت إصابتهم سابقاً بعدوى حمى الضنك (بناء على اختبار الأضداد في أجسامهم أو على توثيق إصابتهم بعدواها المؤكدة مختبرياً في الماضي). وستنطوي القرارات المتعلقة بتنفيذ استراتيجية فرز الحالات قبل تطعيمها على إجراء تقييم دقيق قطري المستوى، بما فيه النظر في مدى حساسية الاختبارات المتاحة وخصوصياتها والأولويات المحلية ودراسة الأوبئة الناجمة عن حمى الضنك ومعدلات إدخال المرضى المصابين بالحمى إلى المستشفيات في كل بلد تحديداً والقدرة على تحمل تكاليف اللقاح CYD-TDV واختبارات فرز الحالات على حد سواء.

وينبغي النظر في موضوع التطعيم باللقاح في إطار اتباع استراتيجية متكاملة بشأن الوقاية من حمى الضنك ومكافحتها. وثمة حاجة ملحّة إلى الالتزام بسائر تدابير الوقاية من المرض، مثل التدابير المطبقة والمُصانة جيداً في مجال مكافحة نواقل المرض. وينبغي أن يسعى الأفراد، بصرف النظر عمّا إذا كانوا مطعمين أم لا، إلى الحصول على الرعاية الطبية فوراً إن هم أبدوا أعراضاً مماثلة لتلك الدالة على الإصابة بحمى الضنك.

عوامل الخطر

تزيد الإصابة السابقة بحمى الضنك من احتمال إصابة الأفراد بعدوى حمى الضنك الوخيمة.

ويرتبط التوسع العمراني (ولا سيما غير المنظم) بنقل عدوى حمى الضنك من خلال عدة عوامل اجتماعية وبيئية: الكثافة السكانية، وتنقل البشر، والحصول على مورد مياه موثوق، وممارسة تخزين المياه، وغير ذلك.

وتتوقف مخاطر تعرض المجتمع المحلي للإصابة بحمى الضنك أيضا على مدى معرفة السكان بحمى الضنك ومواقفهم وممارستهم إزاءها، فضلا عن تنفيذ أنشطة روتينية مستدامة لمكافحة النواقل في المجتمع المحلي.

وبناء على ذلك، يمكن أن تتغير مخاطر المرض وأن تتبدل في ظل تغير المناخ في المناطق المدارية وشبه المدارية، وقد تتأقلم النواقل مع ظروف البيئة والمناخ الجديدة.

الوقاية من المرض ومكافحته

إذا علمت بإصابتك بحمى الضنك، فاحرص على تفادي التعرض لمزيد من لسعات البعوض خلال الأسبوع الأول من إصابتك بالاعتلال. وقد يكون الفيروس دائراً بدمك في تلك الأثناء، وتكون بالتالي وسيلة لنقل الفيروس إلى حشرات جديدة من البعوض غير الحاملة لعدواه لتنقلها بدورها إلى أشخاص آخرين.

ويشكل قرب مواقع تكاثر البعوض الناقل للمرض من سكن الإنسان واحداً من أخطر وأهم عوامل إصابته بحمى الضنك. وثمة طريقة واحدة أساسية بالوقت الحاضر لمكافحة انتقال فيروس حمى الضنك أو الوقاية منها، ألا وهي مكافحة البعوض الناقل للمرض. وفيما يلي كيفية تحقيق ذلك:

  • الوقاية من تكاثر البعوض بواسطة ما يلي:
    • منع البعوض من الوصول إلى موائل وضع البيوض عن طريق اتخاذ تدابير لإدارة البيئة وتعديلها؛
    • التخلص من النفايات الصلبة كما ينبغي وإزالة الموائل التي هي من صنع الإنسان والتي يمكن أن تتجمع فيها المياه؛
    • تغطية حاويات تخزين المياه المنزلية وتفريغها وتنظيفها أسبوعياً؛
    • استعمال مبيدات الحشرات المناسبة في الحاويات الخارجية لتخزين المياه؛
  • فيما يلي تدابير الحماية الشخصية من لسعات البعوض:
    • اللجوء إلى تدابير الوقاية المنزلية الشخصية مثل سواتر النوافذ والمواد الطاردة والوشائع وأجهزة التبخير. ويجب مراعاة هذه التدابير خلال النهار داخل المنزل وخارجه على حد سواء (أثناء التواجد في العمل/ المدرسة مثلاً)، لأن البعوض الناقل الرئيسي للمرض يلسع أثناء النهار؛
    • يُنصح بارتداء الملابس التي تقلل إلى أدنى حد من تعرض البشرة للبعوض؛
  • إشراك المجتمع المحلي:
    • تثقيف المجتمع المحلي بمخاطر الأمراض المنقولة بواسطة البعوض؛
    • التشارك في العمل مع المجتمع المحلي لتحسين مشاركة الأفراد وتعبئة طاقاتهم من أجل مكافحة نواقل المرض بشكل مستدام؛
  • ترصد البعوض والفيروسات بفعالية:
    • ينبغي أن يُضطلع برصد مدى كثرة نواقل المرض وترصدها بفعالية للبت في فعالية تدخلات مكافحتها.
    • رصد معدلات انتشار الفيروس رصداً استشرافياً بين أسراب البعوض بالتلازم مع فحص أسرابه الخافرة بفعالية؛
    • يمكن أن يقترن ترصد النواقل بالترصد السريري والبيئي.

وإضافة إلى ذلك، يتواصل على قدم وساق إجراء بحوث فيما بين الكثير من مجموعات المتعاونين دولياً في إيجاد أدوات حديثة واستراتيجيات مبتكرة تسهم في الجهود العالمية لوقف انتقال حمى الضنك. وتُشجع المنظمة على دمج نهوج إدارة نواقل المرض من أجل تنفيذ تدخلات مستدامة وفعالة ومطوعة وفقاً للسياق المحلي لمكافحة تلك النواقل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
اشترك الآن مجاناً مع أنا سلوى سوف تصلك أخبارنا أولاً ، وسنرسل إليك إشعاراً عند كل جديد لا نعم
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com