عالم الأسرة

كيف نربي اطفالنا تربية مثالية ؟

لابد من اجتماع عوامل ثلاثة معاً لتكون تربيتنا لأولادنا مثالية : الحب , القدوة , الحزم .
لن نتكلم عن الحبّ فجميعنا نحبّ أطفالنا حبّاً كبيراً لدرجة أننا نفضلهم على أنفسنا .
ولن نتكلم عن القدوة فلها وقت آخر .
اليوم سنتحدث عن الحزم , الحزم في تربية أولادنا … هل نحن حازمون في تربيتهم ؟ وإن لم نكن حازمين فما الذي سينتج عن ذلك ؟؟
حدث، امرأة شابة مع والدتها , وحدث موقف بسيط بين الشابة وأمّها فاجأني وصدمني : بسبب ما اعتقدته الشابة خطأ في الرأي من أمها التفتت إليها وشتمتها أمامي … أجل أجل … شتمتها , شتمت أمها , شتمتها كما يشتم أولاد الشوارع بعضهم .
الأم لم تنطق بحرف واحد للاعتراض , بل حاولت تبرير موقفها الأصلي وتقديم الاعتذار تقريباً عن رأيها الخاطئ .
صدمني موقف الابنة , لكن ما صدمني أكثر هو موقف الأم التي لم تنزعج من شتائم ابنتها كأنها معتادة اعتياداً مزمناً على تلقي الإهانات منها …
مرة أخرى في طريق عودتي إلى البيت , وأنا أعود مشياً على الأقدام ليتاح لي الوقت لتصفية أفكاري من أحداث يومي الطويل , فكرتُ كما يلي : كيف وصل الأمر بالابنة أن تشتم أمها هكذا ؟ متى بدأ الأمر ؟؟ بسن المراهقة ؟؟ مستحيل ، لابد أنه أبكر … في سن المدرسة ؟؟؟ لا لا … بالتأكيد أبكر … في سن الطفولة الباكرة ما قبل المدرسة ؟؟؟ نعم … لابد أن الأمر بدأ في ذلك الوقت المبكر , وتخيلته بالشكل التالي : تغضب الطفلة ذات الأعوام الثلاثة وتصرخ لتُلبى مطالبها , تركض الأم لإرضائها.
ترغب الطفلة في شيء ما فلا تفعله الأم كما تريد , تشتم الطفلة الصغيرة أمها أمام الوالد أو العائلة بكلماتها الطفولية ولثغتها المحببة فيضحك الجميع ويمرّ الموقف …
تمرض الطفلة وتتألم من شيء ما , إبرة عضلية مثلاً , تبكي وتصرخ بين ذراعي أمها , وأثناء بكائها تضرب أمها بقبضتها الصغيرة أو ترفسها برجلها , تتابع الأم إصغاءها لتعليمات الطبيب دون أن تشعر أو تكترث أن ابنتها الصغيرة تضربها وترفسها .

تحدث  العديد جداً من المواقف ، حيث أطفال السنتين والثلاثة سنوات يضربون أباءهم وأمهاتهم بقبضاتهم إذا لم يلتفتوا إليهم , وكثيراً ما أوقف كلامي لأتيح الوقت للأب أن يتصرف كما يجب مع الطفل , لكن الأب لا يبدي أي ردة فعل تجاه سلوك طفله , فأقول في عقلي : ها أناذا  أشهد ولادة متنمر صغير , ومن يضرب أباه في العيادة سيضرب رفاقه في الروضة وأصدقاءه في المدرسة وزملاءه في الجامعة .
عندما لا يتلقى الطفل رد الفعل المناسب على خطئه ينشئ نشأة خاطئة ويتحول لإنسان أناني وعدواني , والمشكلة ليست فقط أنه سيوجه عدوانيته تجاهكم , المشكلة الحقيقية أنه يكبر مع اعتقاد أن الجميع سيتحملون سلوكه الشرس كما تتحملونه أنتم , فيخرج إلى المجتمع ويصطدم به وهناك أفراد في المجتمع لن يرضخوا لشراسته وتنمره , وللأسف سيأخذ هؤلاء الأفراد على عاتقهم القيام بدوركم أنتم في تربية أبنائكم أنتم … ولكن برأيكم كيف يتم تقويم سلوك شاب شرس في الخامسة والعشرين من قبل المجتمع ؟؟؟ إما برفضه ونبذه , أو الأدهى ب ” كسر ” جبروته وتحطيمه .
كيف يتم تقويم سلوك شابة في الخامسة والعشرين نشأت على التنمر على أهلها وصارت متنمرة على زوجها وعائلته ؟؟؟ إما بترويضها ودخول معارك فرض السيطرة معها , أو الأدهى بهجرها وتركها وحيدة مع عدوانيتها .
صديقاتي … الحل هو : الحزم .
يجب أن تكون تربيتكم لأولادكم مزيج عادل من الحبّ والحزم , يعني مثلاً إذا قام طفلكم ذو الأعوام الأربعة بشتمكم في المنزل أو أمام الناس لابد من قطع أي فعالية تقومون بها لعقابه فوراً وفي ساعتها … يجب تأديب الطفل وتشذيب تربيته , لا أحد في الدنيا يترك الشوك والأعشاب الضارة تنمو حول نباتاته التي يرعاها … لابد من اقتلاعها لينمو النبات نمواً صحيحاً صحياً …
ابنتكِ تصرخ وتشتمكِ بينما تتحدثين في الهاتف مع جدتها ؟؟؟ أوقفي الهاتف فوراً وعاقبي طفلتكِ , عاقبيها , إن كنتِ تحبينها فيجب أن تعاقبيها , يجب أن يعلم الطفل أنه كما أن هناك ثواب ومكافآت لأفعاله الجيدة هناك عقاب لأفعاله السيئة …
يجب أن يتعلم الطفل كيف يمارس الرقابة على تصرفاته وكيف يميز بين الصح والخطأ … أجلس في حضن بابا وأقبله بعد عودته من العمل وأطلب منه لعبة لأنني فتاة شاطرة ومؤدبة … هذا صح .. , أرفس بابا في الشارع وأشده من بنطلونه وأصرخ طالبة اللعبة … هذا خطأ وسيعاقبني بابا عليه … وعندما تتكرر العقوبات سيتكون لديّ منعكس بافلوف : صراخي وقلة أدبي = عقوبة , سلوكي الحسن وطاعتي ولطفي = مكافأة , فأفكر ألف ألف مرة قبل أن أقوم بما هو خطأ .

كلما بدأتم باكراً بنظام تربية قائم على مبدأ : أدب = مكافأة , قلة أدب = عقوبة , كلما كانت تننشئة أطفالكم أسهل وأسلس وذات نتائج مبهرة للطفل عندما يكبر , وكلما تأخرتم صارت أصعب وأقل جدوى وستنتهون بأن يشتمكم ابنكم أمام الناس أو يشتم غيركم وينتهي في مركز الشرطة …..
امرأة زارتنا منذ حوالي 20 عاماً فنام ابنها الصغير على الأريكة , وعندما أرادت الانصراف وحملت الطفل أفاق متذمراً وصرخ بها بشتيمة بشعة وبدل أن يتلقى العقوبة اللازمة قامت الأم باحتضانه وتقبيله وتدليله : بس حبيبي … معلش يا روحي بدنا نروح على البيت .
هل تتخيلون كيف يعاملها هذا الشاب اليوم عندما توقظه ليدرس قبل امتحانه الجامعي ؟؟؟ بالطريقة نفسها مضروبة ب 100 مثل .

هل تحبين طفلكِ ؟ كوني حازمة معه وارحميه وأدبيه قبل أن تؤدبه الحياة بلا رحمة , عاقبيه بحبّ قبل أن تعاقبه الحياة بقسوة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
اشترك الآن مجاناً مع أنا سلوى سوف تصلك أخبارنا أولاً ، وسنرسل إليك إشعاراً عند كل جديد لا نعم
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com