صحة

مريضة التصلب العصبي المتعدد توصي بالانفتاح والتحدث عن الحالة “غير المرئية” للتغلب على القلق والعُزْلة

أسماء العلي، مواطنة إماراتية، تدعو مرضى التصلب العصبي المتعدد، في دولة الإمارات العربية المتحدة، أن يتحدثوا عن حالتهم الصحية، للمساعدة في التغلب على ما قد ينتابهم من شعور بالقلق والوحدة، وأن يُظهروا لأنفسهم ولغيرهم أنهم ليسوا وحدهم.

تأتي دعوة أسماء هذه قبل اليوم العالمي لمرض التصلّب العصبي المتعدّد في 30 مايو.

تقول أسماء، إحدى مرضى مستشفى “كليفلاند كلينك أبوظبي”، جزء من مبادلة للرعاية الصحية: “لقد تمّ تشخيصي بمرض التصلب العصبي المتعدد منذ تسع سنوات، ومنذ ذلك الحين، حاولتُ أن لا أفكّربالأمر، وأن أعيش حياتي فقط. ومع هذا، فإن الإصابة بالتصلب العصبي المتعدد ربما تجعل المريض ينتابه شعور بالوحدة أو الخوف في بعض الأحيان؛ ولكن قدرة المريض على أن يتحدث عن إصابته بهذا المرض مع شخص يفهمه، قد يساعده كثيراً.”

مريضة التصلب العصبي المتعدد توصي بالانفتاح والتحدث عن الحالة "غير المرئية" للتغلب على القلق والعُزْلة

“يوجد قدر كبير من الانفتاح بشأن مرض السكري، أو ضغط الدم، ولكن مرض التصلب العصبي المتعدد، هو “مرض غير مرئي”؛ وهذا يجعل من الصعب مقابلة المرضى الذين يعانون منه، أو يرغبون في التحدث عنه.”

بعد تشخيص إصابتها بالتصلب العصبي المتعدد في عام 2012، بدأت أسماء رحلتها بمشاكل في الرؤية بعينها اليسرى. بدأت المشكلة وكأنها ضعف طفيف بالنظر، وسرعان ما ازداد إلى غشاوة شديدة جداً. وبسبب القلق من هذا الأمر، زارت أسماء مستشفىً محلياً في دبي، حيث أجرى لها الأطباء تصويراً بالرنين المغناطيسي، أظهر بقعًا على دماغها تتوافق مع التصلب العصبي المتعدد.

تقول أسماء: عندما أخبرني طبيبي لأول مرة أنني مصابة بمرض التصلب العصبي المتعدد، لم أكن أعرف كيف أتصرف. وبدأتُ التصفحعنه على الإنترنت، لكنني قررت عدم أخذ ما قرأتُه على محمل الجد. فكلّ شيء يحدث لسبب وظننت أنني سأكون بخير مع تناول الدواء.أحاول ألا أشغل تفكيري بازدياد وطأة المرض عليَّ، لأن ذلك ممكن أن يكون مخيف جداً، وأنا لا أريد أن أثير في نفسي القلق. يوجد برنامج تلفزيوني، فيه شخصية تُدوِّن مذكراتها اليومية، لتبقى على دراية بما فَعَلَتْ، في حال جعلها مرضُ التصلب العصبي المتعدد تفقدُ ذاكرتها. لا أستطيع أن أُجبِر نفسي على أن أشاهد هذا البرنامج، لأن من أكبر مخاوفي ألا أتذكر حياتي بشكل صحيح.”

خلال السنوات القليلة التالية، تابعَت أسماء حالتها مع الأطباء بانتظام لمراقبة تطورها. وعلى الرغم من أنها لم تكن تعاني إلا من أعراض قليلة جداً، إلا أن الفحوص الطبية التي أجراها الأطباء، أظهرت تطوّراً بالالتهابات في دماغها وحبلها الشوكي. في ديسمبر 2020، قررت أسماء زيارة مستشفى “كليفلاند كلينك أبوظبي” للحصول على استشارة طبية أخرى.

يقول الدكتور آنو جاكوب، استشاري الأعصاب، ومدير قسم التصلب العصبي المتعدد، في معهد الأعصاب بمستشفى “كليفلاند كلينك أبوظبي”: “عندما دخلت أسماء إلى مكتبي لأول مرة، أجرينا محادثة طويلة لم تكن فقط عن مرض التصلب العصبي المتعدد، ولكن أيضاً عن حياتها وخططها في المستقبل، وعن آمالها ومخاوفها. لقد تحدثنا عن كل شيء تفكر فيه شابةٌ في مثل عمرها. وظلت أسماء تعاني من ازدياد مناطق الالتهاب في دماغها، على الرغم من الدواء الذي كانت تتناوله. وبعد أن ناقشنا معها الخيارات المتاحة لعلاجها، قررنا البدء في تلقيها علاجاً جديداً، نقدمه لها هنا، مرةً كل ستة أشهر.”

وانتقال أسماء من تلقي جرعات الدواء مرتين كل يوم إلى تلقي الحقن  مرتين في السنة، أدى إلى تغيير في حياة أسماء، وفي النهج المُتَّبع في رعايتها.

تقول أسماء: كنت أتناول الحبوب في مواقيت صارمةٍ جداً، وكانت لها آثارٌ جانبيةٌ سيئةٌ في بعض الأحيان. فكنت دائماً ما أرتب مواعيد استيقاظي، ومواعيد طعامي، لتتوافق مع مواعيد تناولي الدواء، وكنت في بعض الأحيان أنسى تلك المواعيد. وهذا بحد ذاته يجعلك تتذكر دائماً أنك تعيش بهذا المرض. إن عدم الاضطرار إلى التعامل مع ذلك يساعدني حقًا في التركيز على حياتي وليس مرض التصلب العصبي المتعدد.”

بعد تغيير الدواء، وتلقِّيهاالحقن للمرة الأولى بالمستشفى، واصلت أسماء زياراتها للمتابعة مع فريق الرعاية الطبية، ولإجراء فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي لمراقبة الالتهاب. خلال الأشهر القليلة التالية، أظهرت الفحوصات المتتابعة أن حالتها قد استقرت.

و يتابع الدكتور جاكوب: “على الرغم من أن أسماء كانت في حالة جيدة مع ظهور أعراض قليلة جدًا على مر السنين، فمن الشائع مع مرض التصلب العصبي المتعدد، وجود التهاب في بعض المناطق بالدماغ، أو بالنخاع الشوكي، والتي لا تظهر لها أي أعراض ولا يلاحظها المرضى. وبدون مراقبة مناسبة، يمكن أن تتراكم هذه المناطق [من الالتهابات] غير الملحوظة، ومع مرور الوقت، ربما تؤدي إلى الإصابة بإعاقة – وهذاعادةً قد يستغرق سنوات عديدة حتى تظهر آثارُه. عندما أرى أسماء، أعرف أننا إذا لم نتدخل لنقدم لها العلاج الصحيح الآن، فقد يكون وضعها مختلفاً تماماً خلال 15 عاماً. إن معرفة ذلك ورغبتي في منعه، هو أهم ما يُوَجّهني في علاجي لأسماء.”

أمّا عن المستقبل، فتتطلع أسماء إلى التعرف على أشخاص آخرين مصابين بمرض التصلب العصبي المتعدد ممن يعيشون في الدولة، لتبادل الخبرات وتوثيق العلاقات معهم اجتماعياً.

وتختم أسماء حديثها قائلةً: “إن مقابلتي مع الدكتور جاكوب كانت مقابلةً رائعةً؛ حيث شعرت حقّاً أنه كان أول طبيب يُشركني في الرعاية الطبية التي تُقَدَّم لي. فحين يقدم لي طبيبي الاستشارة المناسبة، وعندما أجد من أتحدث إليه، أكون قد وجدتُ من يقدم لي مساعدةً فعليةً وأشعر أنني قد وجدتُ دعماً كبيراً. [ودُّ أن أقابل مصابين آخرين، ممن يعانون من مرض التصلب العصبي المتعدد؛ ولكنني حتى الآن، لم أقابل إلا مريضاً واحداً، وأرى لو أننا تكلمنا وشاركنا تجاربنا عن هذه الحالة، لاسطعنا حينئذ أن نساعد بعضنا بعضاً.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
اشترك الآن مجاناً مع أنا سلوى سوف تصلك أخبارنا أولاً ، وسنرسل إليك إشعاراً عند كل جديد لا نعم
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com