المعالج النفسي للأثرياء يفسر سبب رحلاتهم الغريبة
المعالج النفسي للأثرياء يفسر سبب رحلاتهم الغريبة
المعالج النفسي للأثرياء يفسر سبب رحلاتهم الغريبة
ألقت مأساة الغواصة تيتان الضوء على اتجاه متزايد بين أغنى أثرياء العالم للقيام بأنشطة سياحية غريبة، ربما قد يُطلق عليها “مغامرات اللاعودة”، عندما ظهرت صور المساحات الضيقة بشكل خانق داخل الغواصة المنكوبة، والتي لا تحتوي حتى على مراحيض، حيث صُدم العالم عندما علم أن كلا من الضحايا الخمسة دفع 250 ألف دولار ثمنًا لتذكرة رحلتها الأخيرة، بحسب ما نشرته “ديلي ميل” البريطانية .
مُعالج أثرياء العالم
وتعليقًا على المأساة، صرح دكتور سكوت ليونز، عالم النفس الشهير الذي يتولى علاج بعض من أثرياء العالم، إن التقنيات الجديدة جعلت من الممكن للأثرياء أن يطاردوا الإثارة الخطيرة بشكل متزايد، بما يشمل السفر في رحلات إلى الفضاء واستكشاف أعماق المحيط والقفز بالمظلات من جبل إيفرست بأسعار باهظة لا يمكن أن يدفعها إلا أصحاب الدخول الأعلى.
قال دكتور ليونز إن الأثرياء يسعون إلى “الشعور بالحيوية”، إذ أنه بعد تحقيق “أمان في أجزاء من حياتهم مثل الموارد المالية، فإنهم يميلون إلى السعي وراء الإثارة والمخاطرة في أماكن أخرى”.
مجازفون بجرأة
وفقًا لدراسة صادرة عن “Grand View Research”، فإنه من المتوقع أن تتوسع صناعة سياحة المغامرات العالمية من 322 مليار دولار في عام 2022 إلى أكثر من تريليون دولار في عام 2023 حيث تسعى المزيد من الشركات إلى توسيع عروضها للسياح الباحثين عن المجازفة بجرأة.
وقال دكتور ليونز إن الشعور بالملل سيدفع المزيد من الأثرياء إلى البحث عن الإثارة، بخاصة وأنه مع زيادة الإسراف في الحياة، تصبح الأمور أقل إثارة، لذاـ فإنهم يبحثون عن مستجدات الحياة بعدما أصبح الكثير من الأشياء متاحًا لهم.
افتقاد الحيوية
وأضاف دكتور ليونز أن المغامرات توفر “إحساساً بالحيوية”، حيث أن توافر “أمان في بعض أجزاء حياة [الأثرياء] مثل الموارد المالية، يدفعهم إلى البحث عن الشعور بمخاطر كبيرة للاستمتاع بالإثارة في أجزاء أخرى”.
وأضاف أن “السعي وراء الإحساس بالمجازفة ينتاب أيضًا الأشخاص الذين يرغبون في تخفيف الألم أو تجنبه. ويمنح إحساسًا بالقوة في الوقت الحالي”.
آلية فسيولوجية
أوضح دكتور ليونز أيضًا أن هناك آلية فسيولوجية قوية وراء البحث عن الإثارة، شارحًا أنه “يبدأ بجزء من الدماغ يسمى اللوزة الدماغية، والذي يُقيم النتائج السلبية، ويقوم بشكل أساسي بتشغيل سلسلة من الهرمونات، مثل الدوبامين والتستوستيرون والنورادرينالين والأدرينالين والسيروتونين.
واستطرد قائلًا إن “هناك مزيج كامل من الهرمونات التي يتم إطلاقها وتوفر تخفيف الآلام أو الإندورفين، وتؤدي لحظات من هذا الشعور بالقوة إلى بلوغ مرحلة عتبة من شعور مشابه لما إذا كان شخص ما سيجري الجري لمسافة تزيد عن ثلاثة أميال”.
تلاشي الشعور بقمة السعادة
قال دكتور ليونز إن “الأشخاص الذين يبحثون عن إحساس عالٍ يميلون باستمرار إلى متابعة هذه اللحظة العابرة أو الشعور الذي يشبه تناول عقار ما؛ بما يمنحهم نفس النوع من الشعور الإيجابي، إلا إنهم يصلون لهذا الشعور من خلال الانخراط في ظروف مثيرة بدلاً من استنشاق أو تناول شيء ما”.
وأضاف أن “السعي وراء تكرار هذا الإحساس يخلق مستوى عال من هرمونات السعادة في المخ وبالتالي تنشأ حاجة إلى المزيد لتكرار نفس الشعور. على سبيل المثال، عندما يبدأ شخص ما في جني مليون دولار، فإنه يحتاج بعدئذ إلى تحقيق مليوني دولار، ثم تتوالى محاولات المجازفة والمخاطرة. ويكون الانهيار بعد تحقيق قمة السعادة، ودائمًا ما يتلاشى، ولا يدوم لأكثر من حوالي 60 إلى 90 ثانية”.
دنيوية الحياة اليومية
وشرح دكتور ليونز إن “المليارديرات أكثر عرضة للانخراط في مغامرات محفوفة بالمخاطر وباهظة الثمن بسبب دنيوية الحياة اليومية، بخاصة وأن السياحة المتطرفة تنطوي على البحث عن أجزاء يصعب الوصول إليها من العالم أو الفضاء الخارجي، مضيفًا أن عنصر التفرد لمثل هذه المغامرات يؤدي إلى استحسانها، بخاصة وأن يمكن أن تجعل الملياردير يشعر بأنه مميز، إذ أن البعض يرى أن المال لا يمنح الاحترام بالضرورة”.
الحصرية والتميز
وأشار إلى أن مثل هذا الإحساس بالأهمية والخصوصية، الذي ينشأ من القيام بمجازفة أو مغامرة ما، مثل النزول إلى غواصة يبلغ سعر تذكرتها 250 ألف دولار، هو أمر مختلف تمامًا عن المشي لمسافات طويلة في كليمنغارو أو ركوب الأفعوانية. إن هناك حصرية تمنح تلك المضخة الإضافية من الهرمونات التي تعطي شعور بالمتعة والسعادة.
تحديات تنافسية
وأردف دكتور ليونز قائلًا إن هناك جانب من جوانب القدرة التنافسية أيضًا. فعندما يكسب الشخص المزيد، فإن يبدأ في الاندماج مع والتعرف إلى الأشخاص الذين يملكون المزيد، لذا فإنه يخوض تجربة مقارنة مستمرة وتحدي، شارحًا أنه في دوائر المليارديرات والمليونيرات، يكون هناك في أغلب الأحوال “شعور بالحاجة إلى المزيد”، وهو ما يؤدي إلى “ضغط اجتماعي للقيام بأشياء من هذا القبيل”.