الخيبة الأولى

لعل أول خيبة أصبت بها ،يوم وعدني والدي بالذهاب لشراء أقلام التلوين ،ثم انشغل ولم نذهب ،كنت صغيرة جدا .

لا يمكنني ان أسمي هذه خيبة ولكنها كانت كذلك في وقتها.

كذلك الخيبات التي تلتها ،نحن نصاب بالخيبة لافتقادنا الخبرة ،ولأن الحياة ليست مثالية ولاننا لا نسكن في المدينة الفاضلة ،فعليك ان تتوقع الخيبة في أي وقت ،فلا تعود تصاب بالإحباط ،وهنا لا أقصد الاستسلام للخيبات ،على العكس ،اقصد المثابرة والاستمرار.

 أتذكر جيدا ليلة ممطرة ،بكيت فيها كثيرا ،وقرأت القرآن كثيرا ،كنت اعلم أن هذه الدموع ستجعل مني شخصا أقوى ،وهذا تماما ماحدث.

لا تبحث عن الصدق في هذه الحياة فهو نادر، ولا تبني حياتك على وعود منسية ،إذا أسست نفسك بنفسك ،لايمكن ان تنكسر .

الحب.. المتهم الأول بتحطيم القلوب وتخييب آلآمال ،فماذا فعل الحب؟

الحب تخلى عنك في طريق كنت تظن أنه مليئ بالورود ،فإذا هو منحدر كالح الظلام.

ليس بالبساطة ان يتخلى عنك شخص أدمنته بكل مافيه من عادات حلوه وبشعه.

ليس سهلا أبدا أن تعتاد الغياب ،لكن من قال ان عليك ان تعتاد الغياب ،فقد يمطر أكثر من مرة السحاب.

هناك حب آخر وطريق آخر جديد ،ينتظرك ،هناك دوما ضوء ساطع في الحياة لن يغيب ،وهناك الأمل ،ولعلك ستصاب بالخيبة من جديد ،ولكن ستجد أملا آخر قريب.

العمل،الخيبة الثانية التي سيصاب حتما بها كل منا هو العمل ،فبعد ان تكون قد ظننت نفسك الأكثر عبقرية ،لحظة تخرجك وفي الوقت الذي تقارن به نفسك بإنيشتاين وديكارت ،وتناقش في ذهنك نظريات لم يكتشفها أحد ولن يكتشفها.

ستذهب أول يوم للعمل كطائر الطاووس لتعود كطائر الدوري ،أنت لن تشغل المنصب الذي توقعته ،فكلامك غير مسموع ،وأمرك غير مطاع ،وأنت جالس خلف مكتبك الصغير في مبنى أكبر من احلامك نفسها !! لكنه الوقت الذي سيعلمك بأن الخبرة لا تأتي وحدها ،عليك ان تبدأ من الصفر ،وكأنك لاتفقه شيئا في عالم العمل ،وسيمر الوقت لتثبت نجاحك بالتأكيد.

بد فترة ستلاحظ ان الخيبات كجرعات المضاد الحيوي ،هي لن   تأثر بك بعد ذلك  ،ستكتسب مناعة ولن يوقفك شيئ بعد ذلك.

وهذا هو سر الإنسان الناجح ،خيبة كبيرة مابعدها اصرار واصرار.

الخيبات هي أحجار الاساس التي ستبني منك ذلك الكائن المصقول القوي،القادر على مواجهة نكبات الحياة بقوة وصمود .

وحينما ستتعلم الدرس ،لن تصاب بالخيبة من جديد.